فصل: باب دواء الجراحة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح السير الكبير **


  باب‏:‏ الفرار من الزحف

قال محمد رحمه الله‏:‏ لا أحب لرجل من المسلمين به قوة أن يفر من رجلين من المشركين وهذا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ الأنفال‏:‏ 16 وفيها تقديم وتأخير معناه‏:‏ ومن يولهم يومئذ دبره فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة أي سرية للقتال بالكرة على العدو من جانب آخر أو متحيزاً إلى فئة‏:‏ أي ينحاز فيتوجه إليهم يقال‏:‏ تحوز وتحيز إلى فلان‏:‏ أي انضم إليه والفئة‏:‏ القوة والجماعة‏.‏

واختلف أه التفسير فقال قتادة والضحاك‏:‏ كان هذا يوم بدر خاصة إذ لم يكن للمسلمين فئة ينحازون إليها غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معهم وأكثرهم على أنه لم ينسخ هذا الحكم والفرار من الزحف من الكبائر على ما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ خمس من الكبائر لا كفارة فيهن ‏"‏ وذكر في الجملة الفرار من الزحف وقال‏:‏ ‏"‏ إن من أعظم الموبقات الشرك بالله وأكل ما ل اليتيم والتولي يوم القتال وقذف المحصنات ‏"‏ ثم إن كان عدد المسلمين مثل نصف عدد المشركين لا يحل لهم الفرار منهم وكان الحكم في الابتداء أنهم إذا كانوا مثل عشر المشركين لا يحل لهم أن يفروا كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ

يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ‏}‏ الأنفال‏:‏ 62 ومن خبر الله أنه غالب فليس له أن يفر ثم خفف الأمر فقال‏:‏ ‏{‏الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ‏}‏ الأنفال‏:‏ 66 وهذا إذا كان بهم قوة القتال بأن كانت معهم الأسلحة فأما من لا سلاح له فلا بأس بأن يفر ممن معه السلاح وكذلك لا بأس بأن يفر ممن يرمي إذا لم يكن معه آلة الرمي ألا ترى أن له أن يفر من باب الحصن ومن الموضع الذي يرمى فيه بالمنجنيق لعجزه عن المقام في ذلك عشر ألفاً كلمتهم واحدة فحينئذ لا يجوز لهم أن يفروا من العدو وإن كثروا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لن يغلب اثنا عشر ألفاً عن قلة ‏"‏ ومن كان غالباً فليس له أن يفر‏.‏

وذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد وأنا فيهم فحاص المسلمون حيصة يعين انهزموا من العدو فلما قدمنا المدينة قلنا‏:‏ نحن الفرارون فقال‏:‏ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ بل أنتم المكارون في سبيل الله أنا لكم فئة ‏"‏ لترجعوا إلى الجهاد في سبيل الله ‏"‏ والمراد بالعكار الراجع إلى القتال في سبيل الله يعني‏:‏ كان هذا منكم تحيزاً إلي أنا لكم فئة لترجعوا معي إلى الجهاد في سبيل الله‏.‏

قال محمد رحمه الله‏:‏ قتل أبو عبيد الثقفين وهو أبو المختار يوم قس الناطف اسم موضع وأبي أن يرجع حتى قتل فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ يرحم الله أبا عبيد لو انحاز إلي كنت له فئة ففي هذا بيان أنه لا بأس بالانهزام إذا أتى المسلمين من العدو ما لا يطيقهم ولا بأس بالصبر أيضاً بخلاف ما يقوله بعض الناس إنه إلقاء النفس في التهلكة بل في هذا تحقيق بذل النفس لابتغاء مرضاة الله تعالى فقد فعله غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم منهم عاصم بن ثابت حمي الدبر وأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فعرفنا أنه لا بأس به والله الموفق‏.‏

  باب من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا

قال‏:‏ وإذ أسلم رجل من أهل الحرب فقتله رجل من المسلمين قبل أن يخرج إلى دار الإسلام خطأ فعليه الكفارة ولا دية عليه وفي الإملاء عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا كفارة عليه أيضاً لأن وجوبها باعتبار تقوم الدم لا باعتبار حرمة القتل فقط ألا ترى أنها لا تجب بقتل نساء أهل الحرب وتقوم الدم يكون بالإحراز بدار الإسلام والدليل على وجوب الكفارة قوله تعلى‏:‏ ‏{‏فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ‏}‏ النساء‏:‏ 92 جاء في التفسير عن عطاء ومجاهد رحمهما الله‏:‏ أنه الرجل يسلم فيقتل خطأ قبل أن يأتي المسلمين وقبل نزول الآية في رجل يقال له مرداس كان أسلم فقتله أسامة بن زيد رضي الله عنهما قبل أن يأتي المسلمين وهو لا يعلم بإسلامه فأوجب الله الكفارة دون الدية‏.‏

ثم الدية تجب حقاً لله تعالى والإحراز بالدين يثبت في حق الله تعالى وإنما الحاجة إلى الإحراز بالدار فيما يجب من الضمان لحق العباد وقد قررنا هذا في السير الصغير والله الموفق وبه العون‏.‏

  باب دواء الجراحة

روي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم داوى وجهه يوم أحد بعظم بال وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم شج في وجهه يوم أحد حتى سال الدم على خده وقال‏:‏ كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بدمه وهو يدعوهم إلى الله فنزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ

مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ‏}‏ آل عمران‏:‏ 128 ثم داوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه فروي أنه أحرق قطعة من حصير فداوى به وجهه وروي أنه داواه بعظم بال وعصب عليه وكان يمسح على الجبائر أياماً وفيه دليل جواز الاشتغال بالمداواة للجراحات‏.‏

وقد كرهه بعض الناس لآثار جاءت في النهي منها ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب قيل‏:‏ من هم يا رسول الله قال‏:‏ الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون واعتمادنا في جواز المداواة على ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ تداووا عباد الله فإن الله لم يخلق داء إلا وخلق له دواء إلا السام والهرم وما رووا قد انتسخ بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ رضي الله عنه بمشقص حين رمي يوم الخندق فقطع أكحله وروي أنه كوى أسعد بن زرارة رضي الله عنه ثم وجه التوفيق بين بالخبرين‏:‏ إنه إذا كان يعتقد أن الدواء هو الذي يشفيه فلا يحل له أن يشتغل بالتداوي وفيه دليل جواز المداواة بعظم بال وهذا لأن العظم لا يتنجس بالموت على أصلنا لأنه لا حياة فيه إلا أن يكون عظم الإنسان أو عظم خنزير فإنه يكره التداوي به لأن الخنزير نجس العين فعظمه نجس كلحمه لا يجوز الانتفاع به بحال ما والآدمي محترم بعد موته على ما كان عليه في حياته فكما يحرم التداوي بشيء من الآدمي الحي إكراماً له فكذلك لا يجوز التداوي بعظم الميت قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ كسر عظم الميت ككسر عظم الحي ‏"‏‏.‏

وذكر عن الزهري قال‏:‏ قضت السنة أن لا يسترق كافر مسلماً قال‏:‏ وبه نأخذ إذا أسلم عبد الكافر لم يترك يسترقه ويجبر على بيعه حمل الحديث على استدامة الملك والاستخدام قهراً بملك اليمين لأن الاسترقاق مستدام والاستدامة فيما يستدام كالإنشاء وقيل‏:‏ المراد ابتداء الاسترقاق في الحر المسلم فإن ذلك لا يثبت للكافر عليه وإن أخذه واستعبده وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ الإسلام يعلو ولا يعلى ‏"‏ والمراد به الحكم دون الإخبار عن الحسن فإن ذلك يتحقق ولا يجوز الخلف فيما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم المسلم مصون عن إذلال الكافر إياه شرعاً وفي تبديل صفة المالكية بالمملوكية إذلال وفي الاستخدام قهر واستدامة الملك فيه إذلال أيضاً فيصان المسلم عن ذلك بأن يجبر الكافر على بيعه ولا يعتق عليه لأن ماليته فيه مصونة عن الإتلاف بعقد الذمة والسبب الذي اعترض بينهما غير مؤثر في إيجاب الصلة له عليه ولهذا لا يعتق بخلاف القريب فإنه يعتق على قريبه إذا ملكه لأن للقرابة تأثيراً في استحقاق الصلة‏.‏

قال‏:‏ وينبغي للرجل إذا أسلم أن يغتسل عن الجنابة لأن المشركين لا يغتسلون عن الجنابة ولا يدرون كيف الغسل في ذلك وفي هذا بيان أن صفة الجنابة تتحقق في الكافر بمنزلة الحدث إذا وجد سببه ولكن اختلف مشايخنا في أن الغسل متى يلزمه فمن يقول‏:‏ يخاطبون بالشرائع يقول‏:‏ الغسل واجب عليه في حال كفره ولهذا لو أتى به صح ومن يقول‏:‏ لا يخاطبون بالشرائع فيقول‏:‏ إنما يلزمه الاغتسال بعد الإسلام لأن صفة الجنابة مستدامة بعد الإسلام كإنشائه وصحة الاغتسال منه قبل الإسلام لوجود سببه ولهذا لو انقطع دم الحائض قبل أن تسلم ثم أسلمت لا يلزمها الاغتسال به لأنه لا استدامة للانقطاع فإذا لم يوجد السبب بعد الإسلام حقيقة وحكماً لا يلزمها الاغتسال ومعنى قوله‏:‏ إنهم لا يدرون كيف الغسل‏:‏ أنهم لا يأتون بالمضمضة والاستنشاق في الاغتسال من الجنابة وهما فرضان فلهذا يؤمر إذا أسلم بالاغتسال من الجنابة‏.‏

واستدل عليه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ثمامة بن أثال الحنفي لما أسلم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل قال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ زعموا أنه صلى ركعتين فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ قد حسن إسلام صاحبكم ‏"‏ وعن كليب أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعه فقال‏:‏ ‏"‏ احلق عنك شعر الكفر ‏"‏ فحلق رأسه قال محمد رحمه الله‏:‏ ولا نرى هذا من الواجب على الناس ألا ترى أنه لم يأمر به أكثر أصحابه ولعله رأى كليباً معجباً بشعره فأمره بأن يزيل ذلك عن نفسه لدفع الإعجاب عنه أو استحب له زيادة التطهير بأن يزيل عن نفسه ما كان نابتاً من شعر رأسه في حال الكفر بخلاف ما تقدم من الاغتسال فإن الأمر به كان على سبيل الإيجاب لتقرر سببه‏.‏

وذكر عن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذ أنفاً من ورق فأنتن عليه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب وبهذا يأخذ محمد رحمه الله فيقول‏:‏ لا بأس بذلك وكذلك إذا سقط سنة فلا بأس أن يتخذ سناً من ذهب أو يضبب أسنانه من ذهب وهو مروي عن إبراهيم وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول‏:‏ يكره ذلك ولا يرى بأساً بأن يتخذه من الفضة لأن استعمال الفضة للانتفاع جائز للرجل دون استعمال الذهب بدليل اتخاذ الخاتم وتأويل الحديث عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم خص عرفجة بهذه الرخصة ثم من اصل أبي حنيفة رضي الله عنه أن العام المتفق على قبوله يترجح على الخاص فرجح الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الذهب بيمينه والحرير بشماله وقال‏:‏ ‏"‏ هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثهم ‏"‏ والله أعلم‏.‏

  باب أموال المعاهدين

قال‏:‏ وإذا أودع المسلمون قوماً من المشركين فليس يحل لهم أن يأخذوا شيئاً من أموالهم إلا بطيب أنفسهم للعهد الذي جرى بيننا وبينهم فإن ذلك العهد في حرمة التعرض للأموال والنفوس بمنزلة الإسلام فكما لا يحل شيء من أموال المسلمين إلا بطيب أنفسهم فكذلك لا يحل شيء من أموال المعاهدين وهذا لأن في الأخذ بغير طيب أنفسهم معنى الغدر وترك الوفاء بالعهد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ في العهود وفاء لا غدر فيه‏.‏

ثم استدل عليه بحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن ناساً من اليهود يوم خيبر جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تمام العهود فقالوا‏:‏ إن حظائر لنا وقع فيها أصحابك فأخذوا منها بقلاً أو ثوماً فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فنادى في الناس‏:‏ إن رسول الله يقول‏:‏ لا أحل لكم شيئاً من أموال المعاهدين إلى بحق‏.‏

  باب دخول المشركين المسجد

وذكر عن الزهري أن أبا سفيان بن حرب كان يدخل المسجد في الهدنة وهو كافر غير أن ذلك لا يحل في المسجد الحرام قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ‏}‏ التوبة‏:‏ 28 والمراد بالهدنة الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة يوم الحديبية وقد جاء أبو سفيان إلى المدينة لتجديد العهد بعد ما نقضوا هم العهود وخشوا أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد ولذلك قصة فهذا دليل لنا على مالك رضي الله عنه فإنه يقول‏:‏ لا يمكن المشرك من أن يدخل شيئاً في المساجد والدليل على ذلك أن وفد ثقيف لما جاءوا إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم أمر بأن يضرب لهم قبة في المسجد فقيل‏:‏ هم أنجاس فقال‏:‏ ‏"‏ ليس على الأرض من نجاستهم شيء ‏"‏ ثم أخذ الشافعي رضي الله عنه بحديث الزهري فقال‏:‏ يمنعون من دخول المسجد الحرام خاصة للآية‏.‏

فأما عندنا فلا يمنعون عن ذلك كما لا يمنعون من دخول سائر المساجد ويستوي في ذلك الحربي والذمي وتأويل الآية‏:‏ الدخول على الوجه الذي كانوا اعتادوا في الجاهلية على ما روي أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة‏.‏

والمراد القرب من حيث التدبير والقيام بعمارة المسجد الحرام وبه نقول إن ذلك ليس إليهم ولا يمكنون منه بحال‏.‏

  باب دخول النساء الحمام وركوبهن السروج

وذكر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كتب أن لا يدخل الحمام إلا امرأة نفساء أو مريضة وبهذا يأخذ من يكره للنساء دخول الحمامات ويستدل بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ أيما امرأة وضعت جلبابها في غير بيت زوجها فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ‏"‏ ولما دخلت نساء حمص على عائشة رضي الله عنهما قالت‏:‏ أنتن من اللاتي تدخلن الحمامات فقلن‏:‏ نعم فأمرت بإخراجهن وغسل موضع جلوسهن فأما عندنا‏:‏ لا بأس للمرأة أن تدخل الحمام إذا خرجت متعففة واتزرت حين دخلت الحمام لأن دخول الحمام بمعنى الزين وهي للنساء أليق منها بالرجال أو للحاجة إلى الاغتسال وأسباب وجوب الاغتسال في حق النساء أكثر والرجل يتمكن من الاغتسال بالحياض والأنهار والمرأة لا تتمكن من ذلك وتأويل الحديث أنه إنما كره للمرأة الخروج بغير إذن زوجها وقد أمرن بالقرار في البيوت قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ‏}‏ الأحزاب‏:‏ 33‏.‏

قال‏:‏ ولا تركب امرأة مسلمة على سرج وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لعن الله الفروج على السروج ‏"‏ ثم المراد إذا ركبت متلهية أو ركبت متزينة لتعرض نفسها على الرجال فإما إذا ركبت لحاجتها إلى ذلك بأن كانت ممن يجاهد أو يخرج للحج مع زوجها فركبت متسترة فلا بأس بذلك‏.‏

قال‏:‏ ولا يترك أه الكتاب يركبون على السروج ولكن على الأكف ويؤمرون بأن يتنطقوا حتى يعرفوا أي يتخذوا الزنانير فوق ثيابهم ويكركبون على السروج التي على هيئة الأكف وهو الذي يكون في قربوسه شبه الرمانة وهذا لأنهم يمنعون من التشبه بالمسلمين فيما يكون فيه معنى العز قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أذلوهم ولا تظلموهم ‏"‏ وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صالحهم على أن يشدوا على أوساطهم الزنانير وكتب إلى عماله‏:‏ مروا أهل الذمة بأن يختموا رقابهم بالرصاص وأن يتنطقوا ولا يتشبهوا بالمسلمين وتمام بيان هذا الفصل يأتي في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى والله الموفق‏.‏

قال أبو حنيفة رضي الله عنه‏:‏ تكره الجعائل ما دام للمسلمين قوة فإذا لم يكن فلا بأس أن يقوي بعضهم بعضاً لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ‏}‏ الحج‏:‏ 78 وحق الجهاد أن يجاهد بالمال أو النفس فإذا كان الذي يخرج صاحب مال ينبغي له أن يجاهد بماله ونفسه ولا يأخذ من غيره جعلاً في عمله لله تعالى وإذا لم يكن مال فلا بأس بأن يأخذ من غيره بطيب نفسه ما يتقوى به على الجهاد ليكون هو مجاهداً بنفسه وصاحب المال مجاهداً بماله‏.‏

كما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يغزي العزب عن ذي الحليلة وكان يعطي للغازي فرس القاعد وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن الجعائل فقال‏:‏ من جعله في كراع أو سلاح فلا بأس به وهذا لأن صاحب المال إنما أعطي المال ليتقوى به على الجهاد حتى يكون هو مجاهداً بماله فيكره له أن لا يستعين به على العدو ويتفضل لنفسه‏.‏

كما روي أنه سئل عبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه عن الرجل يجعل الجعل ثم يبدو له فيجعل أقل مما اجتعل قال‏:‏ إذا لم يكن أراد الفضل فلا بأس به يعني إذا لم يكن قصده أن يحبس الفضل ليصرفه على حوائج نفسه فلا بأس به فيرد ما فضل على المأخوذ منه إذا رجع بمنزلة من يحج عن غيره إذا رجع بفضل نفقته يلزمه أن يرده وهذا لأنه لو لم يرد الفضل كان ذلك في معنى الأجرة له على عمله والاستئجار على الجهاد باطل‏.‏

وعلى هذا لو أراد الإمام أن يجهز جيشاً فإن كان في بيت المال سعة فينبغي له أن يجهزهم بمال بيت المال ولا يأخذ من الناس شيئاً وإن لم يكن في بيت المال سعة كن له أن يتحكم على الناس بما يتقوى به الذين يخرجون إلى الجهاد لأنه نصب ناظراً لهم وتمام النظر في ذلك على ما روي أن معاوية رضي الله عنه ضرب بعثاً على أهل الكوفة فرفع عن جرير بن عبد الله وعن ولده فقالا‏:‏ لا نقبل ذلك ولكن نجعل من أموالنا للغازي‏.‏

وذكر عن جبير بن نفير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها يعني أن الغزاة يعملون لأنفسهم قال الله تعالى ‏{‏إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ‏}‏ الإسراء‏:‏ 7 ثم يأخذون الجعل من إخوانهم من المؤمنين ليتقووا به على عدوهم وذلك لهم حلال كما أن أم موسى كانت تعمل لنفسها في إرضاع ولدها وتأخذ الأجرة من فرعون تتقوى به على الإرضاع وكان ذلك حلالاً لها‏.‏

قال‏:‏ وإذا أعطى الرجل رجلاً جعلاً على أن يسلم فأسلم فهو مسلم لأنه وجد منه حقيقة الإسلام وهو التصديق والإقرار وباشتراط الجعل لا يتمكن خلل في ذلك فيحكم بإسلامه سلم له الجعل أو لم يسلم لأن أكثر ما فيه أنه لا يتم رضاه بدول سلامة الجعل له وذلك لا يمنع صحة الإسلام كمن أسلم مكرهاً وللذي شرط الجعل أن يمنعه ذلك إن شاء وإن أعطاه فهو أفضل لأنه وعد له ذلك والوفاء بالعهد من أخلاق المؤمنين وخلف الوعد من أخلاق المنافقين إلا أن الذي أسلم عامل لنفسه فلا يستوجب الجعل به على غيره لأنه إنما استوجب الجعل عليه عوض عمله له والمال لا يكون عوضاً عن الإسلام وهو ليس بعامل له ليستوجب عليه العوض فما وعد له إما أن يكون رشوة أو صلة لتزداد به رغبته في الإسلام وواحد منهما لا يتعلق به الاستحقاق قبل التسليم فإذا أبى أن يعطيه الجعل فرجع عن الإسلام فهو مربد إن لم يرجع إلى الإسلام ضربت عنقه لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من بدل دينه فاقتلوه وهذا بخلاف المكره على الإسلام إذا ارتد عن الإسلام فإنه لا يقتل استحساناً لأن قيام السيف على رأسه دليل على أنه غير معتقد بما أقربه فيصير ذلك شبهة يندرئ بها القتل فإما اشتراط الجعل فلا يكون دليلاً على أنه غير معتقد فيتم إسلامه بلا شبهة فإذا ارتد بعد ذلك قتل‏.‏

وذكر عن غالب بن خطاف قال‏:‏ كنا قعوداً بباب الحسن فأتانا شيخ فسلم علينا وقعد ثم قال‏:‏ حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ما من رجل يسلم على قوم إلا فضلهم بعشر حسنات وإن ردوا وفيه دليل على أن البداية بالسلام أفضل وأن ثواب المبتدئ به أكثر لأن الجواب يبتنى على السلام والبادئ بالسلام هو المسبب للجواب وهو البادئ بالإحسان والراد يجازى إحسانه بالإحسان‏.‏

ثم قال‏:‏ حدثني أبي عن جدي‏:‏ أنه جعل للقوم مائة من الإبل على أن يسلموا فأسلموا فبعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخبره بذلك وأسال له العرافة‏:‏ فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ إن أبي يقرأ عليك السلام فقال‏:‏ عليه وعليك فهذا دليل على أن من بغل غيره سلاماً من غائب ينبغي له أن يرد عليهما السلام لأن الغائب محسن إليه بالسلام والرسول بالإيصال فينبغي له أن يجازيهما‏.‏

قال‏:‏ فقلت‏:‏ وإنه جعل للقوم مائة من الإبل على أن يسلموا فقد أسلموا وحسن أسلامهم أفله أن يرجع فيما أعطاهم قال‏:‏ إن شاء فإن ثبتوا على إسلامهم فذلك وإلا بعثنا إليهم الخيل وفي هذا دليل على أن المال الذي شرطه لهم صلة مبتدأة وأن للواهب أن يرجع في الهبة ما لم يعوض منها وأنه لا بأس بأن يرغب غيره في الإسلام بهذا الطريق ألا ترى أن سهم المؤلفة قلوبهم من الصدقات منصوص عليه وقد كانوا يعطون ذلك للتأليف بالثبات على الإسلام عند بعض المفسرين والترغيب في الإسلام بعدما وعدوا أن يؤمنوا عند بعضهم وفيه دليل على أنهم إذا ارتدوا بعدما أسلموا على شرط الجعل فإنهم يقتلون لأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ بعثنا إليهم الخيل ‏"‏ أي للقتال‏.‏

قال‏:‏ وأمرني أن أسألك له العرافة قال‏:‏ إن شاء ولكن العرفاء في النار أي‏:‏ لا أمنعه ما سأل ولكن أخبره أنه لا خير له فيما سأل والعرافة‏:‏ هي الرئاسة والعريف‏:‏ هو الوازع قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا بد للناس من وازع والوازع في النار ‏"‏ يعني أنه يظلمهم ويتكبر عليهم إذا ترأس غالباً ومأوى الظالمين والمتكبرين النار ففيه بيان أن التحرز عن طلب الرياسة أفضل لأنه أسلم‏.‏

قال‏:‏ وإن أعطى رجل مسلم مسلماً مالاً على قتل حربي فقتله فلا بأس بذلك وأحب للذي أعطاه أن يفي له بذلك ولا يجبرعليه لأن قتل الحربي جهاد فمن يباشره يكون عاملاً لنفسه أو عاملاً لله تعالى في إعزاز الدين أو الجماعة المسلمين في دفع فتنة المحارب عنهم فلا يستوجب الأجر على الذي وعد له المال لما لم يكن عمله له على الخلوص ولكن إن وفى بما وعد له على الخلوص فهو أفضل‏.‏

وإن أبى لم يجبر عليه في الحكم ثم روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين بن وهب بعدما أسلم‏:‏ ألا ترى إلى ما هم به ابن عمك من قتلي فقال‏:‏ أنا أكفيك يا رسول الله فاستأجر رجلاً من العرب وجل له عشر دنانير على أن يقتله وفي رواية‏:‏ جعل له خمسة أوساق من تمر على أن يقتله وهذا المقتول عمرو بن جحاش وفيه دليل أنه لا بأس بذلك فإن ما أعطاه كان بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا محالة‏.‏

قال‏:‏ وإن كان الإمام أعطاه ذلك من مال بيت مال المسلمين فينبغي له أن يفي به له لأن مال بيت المال معد لحوائج المسلمين وهذا القاتل من وجه عامل للمسلمين فينبغي للإمام أن يفي له بما وعد أن يعطيه من مال بيت مال المسلمين‏.‏

قال‏:‏ لا بأس بأن يؤكل ويشرب في آنية المشركين ولكن لتغسل بالماء قبل أن يؤكل فيها لأن الأواني لا يلحقها نجاسة الكفر وإنما يلحقها النجاسة العينية وذلك يزول بالغسل فيستوي في هذا الحكم أواني المسلمين والمشركين إلا أن المشركين لا ينعمون غسل الأواني فينبغي للمسلم أن يعيد الغسل ولا يؤتمن المشرك على ذلك‏.‏

وإن لم يفعل وأخذ بالظاهر فلا بأس به لأن الأصل في الأواني الطهارة ولكن الغسل أقرب إلى الاحتياط لما روي عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه قال‏:‏ يا رسول الله غنا نأتي أرض المشركين أفنأكل في آنيتهم قال‏:‏ فإن لم تجدوا منها بداً فاغسلوها ثم كلوا فيها ‏"‏ وباقي الحديث قد بيناه في كتاب الصيد وسئل الحسن رحمه الله عن آنية المجوس وصحافهم وبرمهم هل يطبخ فيها ويؤتدم فيها فقال للسائل‏:‏ انقها غسلاً ثم اطبخ فيها وائتدم وعن ابن سيرين رحمه الله‏:‏ أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يظهرون على المشركين فيأكلون في آنيتهم ويشربون‏.‏

وعن حذيفة رضي الله عنه أنه أتي بباطية قد شرب فيها خمر فأمر بها فغسلت ثم شرب فيهان فهذه الآثار تدل على صحة ما ذكرنا‏.‏

قال‏:‏ ولا بأس بطعام النصارى واليهود من الذبائح وغيرها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ‏}‏ ولا بأس بطعام المجوس كله إلا الذبيحة لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم وهذا لأن المجوس يدعون الهين فلا يصح منهم تسمية الله على الخلوص وهو شرط حل الذبيحة وأهل الكتاب يظهرون التوحيد وإن كانوا يضمرون في ذلك شركاً‏.‏

وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ لا بأس بطعام المجوس إلا الذبيحة وعن سويد غلام سلمان قال‏:‏ أتيت سلمان رضي الله عنه يوم هزم الله أهل فارس بسلة وجد فيها خبز وجبن وسكين فجعل يطرح لأصحابه من الخبز ويقطع لهم من الجبن فيأكلون وهم مجوس فعرفنا أنه لا بأس بطعامهم ما خلا الذبيحة وفيه دليل أنه لا بأس للغانمين أن يتناولوا من طعام الغنيم قبل القسمة‏.‏

وعن سعيد بن جبير رضي الله عنهما أنه سئل عن شواريز المجوس وكوامخهم فقال‏:‏ لا بأس به وهذا لأنه لا يستعمل فيه شيء من الذبيحة وهم في إصلاح الأطعمة فيما سوى الذبيحة كالمسلمين‏.‏

وسئل الشعبي عن الأكل مع مجوسي وهو يزمزم فقال‏:‏ كل من طعام المجوس ولم يتعرض لما سأله السائل وهذا للأثر المروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى عماله‏:‏ يأمرهم أن يمنعوا المجوس من الزمزمة إذا أكلوا ولكنه أثر شاذ لأجل عقد الذمة نتركهم فيما هو أعظم من ذلك من شرب الخمور وتناول الخنازير فلهذا لم يتعرض الشعبي لهذا الجانب وأفتى له تناول طعام المجوس يعني ما خلا الذبيحة‏.‏

وعن إبراهيم رحمه الله قال‏:‏ لما فتح أصحابنا السواد أكلوا من خبزهم وقد ذكر الواقدي في المغازي‏:‏ أنهم ظفروا بمطبخ كسرى وقد أدركت القدور وظنوا أن ذلك صبغ فجعلوا يلطخون لحيتهم بذلك فقيل‏:‏ إنه مأكول فأكلوا من ذلك حتى أتخموا ولكن الظاهر أن قدوره كانت لا تخلو عن اللحم فإنما يحمل على أنه إنما تناول من ذلك بعض الأعراب الذين لا معرفة لهم بالأحكام ولا يستدل بفعل أمثالهم على الجواز‏.‏

ثم ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن ذبائح النصارى من أهل الحرب فلم ير بها بأساً وكره تزويج نسائهم وإنما كره ذلك مخافة أن يبقى له نسل في دار الحرب فأما أن يكون حراماً عنده فلا واستدل على هذا بحديث علي رضي الله عنه أن رسول الله كتب إلى مجوس هجر يدعوهم إلى الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه الجزية وأن لا يؤكل لهم ذبيحة ولا ينكح لهم امرأة فكأنه استدل بتخصيص رسول لله صلى الله عليه وسلم المجوس بذلك على أنه لا بأس بنكاح نساء أهل الكتاب فإنه بنى هذا الكتاب على أن المفهوم حجة ويأتي بيان ذلك في موضعه‏.‏

ثم بين أنه كما لا يحل له أن يطأ المجوسية بالنكاح ولا يحل له أن يطأها بملك اليمين لأن حل الوطء يبتنى على ملك المتعة وذلك لا يثبت للمسلم على المجوسية بسبب ملك اليمين كما لا يثبت بسبب بالنكاح فأما الصابئون على قول أبي حنيفة رضي الله عنه فيحل أكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم ولا يكره ذلك وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لا يحل ذلك وهم بمنزلة المجوس وهذا الاختلاف في أن الصابئين منهم فوقع عند أبي حنيفة أنهم صنف من النصارى يقرءون الزبور وهذا هو الذي يظهرونه من اعتقادهم ووقع عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أنهم يعبدون الكواكب ويعتقدون في أن الكواكب آلهة وهذا هو الذي يضمرونه من اعتقادهم ولكنهم لا يستجيزون إظهار ما يعتقدون قط بمنزلة الباطنية فبنى أبو حنيفة الجواب على ما يظهرون وهما بنيا على ما يضمرون وعلى ذلك هم بمنزلة المجوس أو شر منهم والله الموفق‏.‏